جائزة مؤسسة ابن رشد للفكر الحر لـعــام 2015 عن أدب السجون للكاتبة الفلسطينية عائشة عودة

English Deutsch

كما تعلن المؤسسة عن فوز كل من السيدين مصطفى خليفة من سورية وأحمد المرزوقي من المغرب بالجـــائزة الثـانيـــــة التقــديرية

ببالغ السرور تعلن مؤسـســة ابن رشــــد للفكر الحر أنها ستقدم جائزتها السابعة عشرة للكاتبة الفلسطينية عائشــــة عــودة. كما يسرها الإعلان عن فوز كل من السيدين مصطفى خليفة (سورية) وأحمد المرزوقي (المغرب) بجائزتها الثانية التقديرية لسنة 2015. وهذه هي المرة الأولى التي تعلن المؤسسة فيها عن أسماء من فاز من المرشحين بالدرجة الثانية.

 وكانت مؤسسة ابن رشد قد رصدت جائزتها

لكاتب ــ أو كاتبة ــ أنتج أو أنتجت في مجال أدب السجون وحفز بإنتاجه أو إنتاجها المكتوب باللّغة العربية نقاشاُ عامـّاً وواسعاً حول السجون والقمع وانتهاك الحريات، وساهم في الكشف عن أوضاع السجناء السياسيين، وعزز بذلك قيم الحرية والكرامة الإنسانية في العالم العربي.

من الحقائق المرة التي مازالت واقعاً حاضراً في مجتمعاتنا هي أن كرامة الإنسان واحترام توقه إلى الحرية والديمقراطية والعدالة تداس بالأقدام، وأن أولئك الذين يقلقون بجدية إزاء مستقبل بلادهم ويشاركون بفعاليات على مستوى عال من الالتزام بغية التأثير الإيجابي في محيطهم والتوصل إلى حياة أفضل وتحرير العقول والاوطان هم بالذات من يدفعون بحريتهم الشخصية ثمناً باهظاً لا يقدر بثمن.
في هذه السجون الممتدة من المحيط الأطلسيّ الى الخليج العربي تصطدم صرخات المعتقلين غالباً بجدران الصمت. فالاعتقال والتعذيب وانتظار المجهول والزمن الجدب الرتيب ليست إلا حياة من فراغ وعيش حبيس الزنازين، بينما أحلام الحرية تخنقها الجدران الصماء، ولا تسمح بسماع الأصوات إلا نادراً. إن حياة سجناء الرأي والسجناء السياسيين والمقاومين ضد الظلم والاحتلال تمثل عالماً قاسياً ومجهولاً يتهدد كل من يقاوم من اجل الحرية.
ونظراً إلى أن منطقتنا تعيش مخاضاً حافلاً بالاضطرابات وعدم الاستقرار – بالذات في فلسطين هناك مشروع كبير لتهجير الفلسطينيين من أرضهم ومحو فلسطين من الخارطة من قبل إسرائيل دولة الاحتلال الصهيوني – كان لابد من تسليط الضوء على أدب السجون التي قدمها لنا السجناء السياسيين في المنطقة ممن عانوا محنة الاعتقال والتعذيب في السجون العربية وسجون الاحتلال.
أدب السجون يشكل مادة توثيقية أدبية لمراحل القمع والسحق التي  للأسف لم تنته بعد. ولعل قراءة تجارب المعتقلين السابقين يكوِّن نصباً تذكارياً حياً وقاسياً يساعد في الحفاظ عليها في ذاكرة  التاريخ في صيغة تحذير دائم  لكي لا تتكرر في المستقبل.

عاشت السيدة عائشة عودة مرارة الحكم العسكري الاسرائيلي وظلم سجونه، وهي ابنة فلسطين المولودة عام 1944 في قرية دير جرير قضاء رام الله. فقد أودعت السجن في الأول من آذار عام 1969، ونسف الاحتلال منزل أسرتها إثر اعتقالها، وكانت ضمن الفوج الأول من النساء المعتقلات في فلسطين بعد حرب 1967. وفي عام 1970 أصدر الاحتلال بحقها حكمين بالسجن المؤبد مضافاً إليهما عشر سنوات بتهمة المشاركة في وضع القنابل في السوبر سول في القدس الغربية والانتماء إلى “منظمة غير مشروعة”. ولم تحصل على حريتها إلا عبر عملية تبادل للأسرى (النورس)، حيث اطلق سراحها في 14/3/1979 وأبعدت الى الأردن. لكنها عادت إلى أرض الوطن بعد توقيع اتفاقات أوسلو عام 1994.
حرصت عائشة عودة على كتابة تجربتها ونقلت الكثير عن فظاعة التعذيب الجسدي والنفسي خلال الاستجواب والحبس المتواصل في سجون الاحتلال في كتابيها “أحلام بالحرية” و”ثمناً للشمس”.
وعن ذلك يقول الكاتب إبراهيم نصر لله:
“قدمت عائشة عودة كتابين استثنائيين عن المعاناة الشخصية للمرأة الفلسطينية في السجون الإسرائيلية، بأسلوب فني جميل وعميق. ويسجل لهذه السيرة أنها استطاعت أن تقدم لنا ببساطة خالية من الشعارات صورة الآخر المغتصب المدجج بأساطيره، كما استطاعت أن تفضح عنصريته وقسوته. لقد دخلت عائشةُ السجنَ مناضلةً وخرجتْ منه رمزاً.”

لمصطفى خليفة حكاية أخرى مع السجون في سورية. فقد ولد في مدينة جرابلس ثم انتقل الى حلب، حيث شارك خلال فترة شبابه في العديد من النشاطات السياسية التي سجن على أثرها مرتين، امتدت في المرة الثانية 15 عاماً؛ تنقل خلالها بين العديد من السجون، أبرزها سجن تدمر وسجن صيدنايا اللذين استمد منهما روايته القوقعة.
وتسرد هذه الرواية يوميّات سجين يغدو داخل السجن عيناً ترى وأذناً تسمع ليشرح تفاصيل الأحداث الدقيقة والمؤلمة لتصبح شاهدة على مدى العنف والظلم في سجون الطغاة. 
 

أما أحمد المرزوقي الضابط المغربي السابق المولود عام 1947 في قرية بوعجول شمال مدينة فاس، فقد وجد نفسه في العاشر من يوليو/تموز 1971 مع كافة منتسبي مدرسة أهرمومو متورطاً في محاولة انقلابية كان يقودها قائد المدرسة آنذاك الكولونيل أمحمد أعبابو ضد ملك المغرب الحسن الثاني، وقد عرفت هذه المحاولة تاريخياً باسم محاولة انقلاب الصخيرات. وبعد فشلها ومقتل عدد كبير من المشاركين فيها قُدّمم المرزوقي مع الناجين من زملائه إلى محكمة عسكرية حكمت عليه بالسجن لخمسة سنوات لكنه قضى في السجن عشرين عاماً، منها 18 عاماً في معتقل تزممارت الرهيب حيث مات كثيرون من رفقائه الأسرى جراء البرد والمرض وسوء التغذية والرعاية الصحية. ولم يفرج  عنه إلا في 15 تشرين الأول/أكتوبر عام 1991 بعد إلحاح جمعيات حقوق الانسان التي لفتت الأنظار إلى الأسرى المنسيين. تجربته هذه نقلها لنا في كتابه تزممارت.. الزنزانة رقم 10، وقدمها للأجيال شهادة صريحة ومؤثرة.

اختير الفائزون هذا العام من بين ثماني عشرة شخصية من ست دول عربية تمّ ترشيحها لنيل جائزة ابن رشد للفكر الحر لسنة 2015. وصدر قرار اختيار الفائزين عن لجنة تحكيم مستقلة عن المؤسسة مكونة من خمسة أسماء عربية معروفة، كتاب ومتخصصين في الادب من البلاد العربية والمهجر وهم: محمد الأشعري (المغرب)، رزان إبراهيم (الأردن)، خالد خليفة (سوريا)، سامية محرز (مصر)، صموئيل شمعون (العراق).

تكونت مؤسسة ابن رشد للفكر الحر كجمعية في ألمانيا، يتوزع أعضاؤها بين مختلف الأقطار العربية والمهجر. أطلقت على نفسها اسم الفيلسوف ابن رشد (1126-1198) تيمناً به وبفكره ورسالته، وأخذت على عاتقها دعم الفكر الحر والديمقراطية وقواها في العالم العربي عبر تقديم جائزة سنوية باسم جائزة ابن رشد، وهي جائزة أهلية مستقلة، تمول من اشتراكات أعضائها وتبرعات الداعمين لها ولا ترتبط بأية اتجاهات سياسية أو عقائدية مُقيِّدة. تتغير مواضيع الجائزة في كل عام تبعاً للموضوع الذي تغطيه، فشملت جوائزها حتىى الآن المواضيع التالية: الأدب، الأعمال الفنية، حقوق المرأة، الإصلاح الديني، التنوير في العالم العربي، الاقتصاد، المدونين وصفحات الانترنت، والصحافة.

Social media & sharing icons powered by UltimatelySocial