رزان زيتونة “بنت البلد” من الدلف إلى المزراب في المأساة السورية يقلم عبد الله حنا

  صبيحة التاسع من كانون الأول (ديسمبر) 2013 داهم مسلحون مركز توثيق الإنتهاكات في سورية في مكتبه في دوما وخطفوا العاملين فيه وهم :
–    المحامية رزان زيتونة عضو في فريق رابطة الدفاع عن المعتقلين السياسيين، وأحد الأعضاء المؤسسين في حماعة حقوق الإنسان، مؤسسة رابط معلومات حقوق الإنسان في سورية، الناشطة نشاطا قياديا في التنسيقيات أيام عزهها قبل أن تَززوها رياح الحرب… وهي : “بنت البلد”
–    المحامي وائل حمادة زوج رزان زيتونة ومن زوار سجون النظام السوري.
–    المحامي والشاعر ناظم حمادي.
–    الناشطة ضد الاستبداد سميرة الخليل المعتقلة بين عامي 1987 و1991 في سجون النظام  بسبب انتمائها إلى حزب يساري.
      وهؤلاء الأربعة تواروا عن الأنظار في دمشق تجنبا من الإعتقال لمشاركتهم في التحركات الشعبية السلمية المندلعة في آذار 2011 والمنادية بالحرية والكرامة.
      التجأت رزان زيتونة في الاسبوع الأخير من نيسان 2013 إلى دوما ” المحررة ” من النظام… دوما هذه، التي شهدت أثناء التحركات الشعبية السلمية اضخم الاحتجاجات، استقبلت بعد صلاة كل جمعة قوى شبابية قادمة من دمشق مؤلفة من مختلف الطوائف (سنّة مسيحيون علويون دروز اسماعيليون). وأهم من ذلك أن ناشطات سافرات من مختلف الطوائف شاركْنَ في الإحتجاجات، وكانت ” بنات البلد ” الدومانيات تستقبلهُنَّ مبتهجات بمشاركتهنّ. هذه هي الأخلاق الصادقة والسلوك الشهم للمجتمع الدوماني، الذي لا يعرفه إلا من عايشه عن كثب. وليس صحيحا ما جاء من تبرير للخاطفين  على لسان ” شيخ ” من شيوخ معارضة الخارج  بأنهم، أي المخطوفين، ” ما التزموا بعادات دوما ” و ” لم يلتزموا بالمعايير الأخلاقية للمجتمع ” الدوماني. ولكن شهادات المشاركات في التحرك قدّمنَ رأيا مخالفا.
     سمر يزبك الروائية العلوية المشهورة شاركت في الاحتجاجات وكتبت تفاصيل عن ترحيب نساء دوما بالقادمات من دمشق. وكاتب هذه الأسطر التقى بدمشق في شباط 2014 بناشطة دمشقية سنية (لا تزال تقيم في دمشق) عبّرت عن مشاعرها إزاء ما لاقته وزميلاتها من تعاطف ومن الاستقبال الحار للدومانيات لهنَّ. وقدَمَت وصفا حيّا لأخلاقية أهل دوما، قبل أن تغزوها حراب المتسلطين الجدد.
     وعلى الرغم من ” العقلية الذكورية ” السائدة هنا وهناك فإن مجتمعاتنا ترى في الدفاع عن المرأة والحفاظ على كرامتها أحد قِيَمْ المرؤة والنخوة. ومن هنا ندرك لماذا اختارت ” بنت البلد ” المحامية الدمشقية رزان زيتونة  دوما مركزا ومكتبا لتوثيق الإنتهاكات. وغاب عن ناظريها أن قوى الظلام و “الرجيعة” ستكون لها بالمرصاد.  
     ويبدو أنّ ” بنت البلد ” لم تقدّر خطورة هذا التيار السلفي، الذي أخذ يتسع مداه بعد  انزلاق التحركات الشعبية نحو العسكرة. ونرى أنّ ما كان عالقا في ذهن ” بنت البلد ” هو أصداء السلفية النهضوية الداعية إلى تحرير العقل من ظلمات الجمود ومن روادها في دمشق الشيخ بهجت البيطار. فقد لعب دعاة السلفية في بلاد الشام أيام  السلطان عبد الحميد دورا تنويريا واضحا ضد الطغيان والاستبداد السلطاني ووقفوا في وجه دعاة التقليد والجمود وإبقاء البلاد غارقة في بحر الخرافات والأساطير. وعلى أرضية هذه  ” السلفية النهضوية الشامية “، اتكأت، إلى حد ما، حركة الإخوان المسلمين في سورية  بقادتها مصطفى السباعي ومحمد مبارك وعصام العطار، الذي دعا خاطفي دوما إلى إطلاق المخطوفين.
    شرعت رزان زيتونة بالعمل أوائل أيار 2013، وانضم إليها زوجها المحامي وائل حمادة مع صديقه المحامي ناظم حمادي. وفي أواخر أيار 2013 انضمت الى المجموعة سميرة الخليل، التي كان زوجها ياسين الحاج صالح، نزيل سجون النظام قد سبقها متنقلا بين دوما والمليحة. وكان الجميع يظنون أن هدفهم في رصد الانتهاكات سيحقق مراميه في منطقة ” محررة “. ولكن رياح التنظيمات المسلحة للسلفية ” الجهادية ” سارت بعكس ما تشتهي سفن الساعين لرصد المعتدين على حرية الإنسان وكرامته.

***

    التحركات الشعبية الإحتجاجية السلمية، التي اندلعت من درعا في آذار 2011، سرعان ما شملت معظم مناطق سورية وفي مقدمتها دوما. وقد برز خطيبا في احتجاجات دوما السلمية الطبيب عدنان وهبة ابن دوما والمنتمي إلى الحركة الناصرية ذات الخلفيات الدينية. وقد رأت قوى الإسلام السياسي المتزمت والمتحجر في التيار الناصري المتنور منافسا لها. وفجأة اغتيل خطيب التحركات الاحتجاجية عدنان وهبة. وسرعان ما انتشرت إشاعة مفادها  أن أمن النظام اغتاله. وعلى الرغم من هذه الإشاعة، فإن المقربين من المغدور إضافة إلى القرائن تشير بأصابع الإتهام إلى دور الفصائل المسلحة السلفية المتحجرة، التي تزعمها زهران علوش، وهو يتحدر من عائلة دومانية اتخذت الوهابية مذهبا لها.
    لا ندري هل كانت المحامية الناشطة في ميدان الدفاع عن حقوق الإنسان، ولها اسهامات في الدفاع عن جميع المعتقلين السياسيين في سجون النظام، ولم تكن تنتمي إلى أي حزب.. لا ندري هل كانت على علم بما يجري في دوما من تغيرات باتجاه غلبة التيار المتزمت والمتحجر، وبقيت ترن في آذانها أصوات المحتجين السلميين ناشدي الحرية والمساواة.
     يثير إختطاف رزان زيتونة وفريقها من مكان عملهم في دوما وفي منطقة اصبحت  تحت السيطرة التامة لجيش الإسلام بقيادة زهران علوش، علامات إستفهام دفعت بالكثيرين وفي مقدمتهم زوج سميرة الخليل ياسين الحاج صالح إلى اتهام جيش الاسلام وقائده علوش بارتكاب جريمة الخطف. وكانت جريدة الحياة اللندنية قد نشرت في 15 كانون الأول 2013 مقالا لحازم أمين تحت عنوان : “رزان زيتونة في سجن الإسلاميين. لا في سجن النظام”. وبعد الإختطاف مباشرة ناشد عصام العطار، المراقب العام السابق للإخوان المسلمين في سورية، الخاطفين بإطلاق سراح المخطوفين، مستشهدا بالآيات القرآنية لثنيهم عن فعلتهم.
       ونقتطف فيما يلي بعض ما كتبه الناشطون والناشطات والحقوقيون حول عملية الخطف : جريمة ضد حقوق الإنسان والحريات.. المخطوفون من المدافعين عن وحدة السوريين والطابع الوطني الديموقراطي للثورة.. رزان زيتونة زهرة من زهرات الربيع العربي، التي عصفت بها أعاصير الظلام.. الأمر لا يقتصر على داعش وجبهة النصرة بل يتعداه إلى فصائل يسود الوهم بأنها ستكون البديل.. لم يُكَلّف جيش الإسلام، الذي نفى عملية الخطف عناء مراجعة مكان الإختطاف..
    اصدرت عائلة رزان زيتونة بيانا جاء فيه “إن ابنتنا وخلال مسيرتها النضالية منذ 2000 هي من اوائل المدافعين عن المعتقلين السياسيين بكل تلويناتهم بدون أجر… هي واحدة من علامات الثورة والصورة الأروع للمرأة السورية… هي ابنة البلد”.
ولا بدّ أن نشير إلى أن تاريخ “ابنة البلد” رزان زيتونة لا يختلف عن تاريخ بلدها، الذي خاض متنوروه مع بزوغ عصر النهضة أواخر القرن التاسع عشر صراعا مريرا مع قوى الظلام و “الرجعة” وحققوا انتصارات وداهمتهم هزائم، ومع ذلك بقي رواد النهضة رافعين علمها رغم سيف ” العسكرتاريا “. وجاءت التحركات الشعبية لتُحْي الآمال بانبعاث المجتمع المدني الذي تسوده الحرية والعدالة وتخفق الكرامة الإنسانية في ربوعه. ولكن “عصر النفط والغاز الدولاري “مهّد الطريق لهيمنة القوى السلفية” المتسربلة بالدين لكسر شوكة القوى المنادية بالمجتمع المدني الديموقراطي. وكانت مأساة اختطاف “بنت البلد” من دلائل انكسار المشروع النهضوي التنويري وعودة قوى الظلام العثمانية بأثواب متعددة.

***

اختطاف “بنت البلد” يدفعنا لتذَكّر مسيرة الحركة النهضوية العربية وما رافقها من كرٍ وفر. ولفهم قصة اختطاف رزان زيتونة وفريقها لا بدّ من عرض سيرة اثنين من “أبناء البلد”، اللذين شقا الطريق أمام التقدم والتنوير، ولم تُحْجَبْ الحقيقة عن أعينهما رغم غبار سنابك خيول  الاستبداد..
إنّ سيرة رائدين نهضويين من أبناء البلد وما كتباه تلقي الأضواء على المأساة الحالة اليوم في عالمنا العربي.
أولهما صلاح الدين القاسمي المولود في دمشق 1887، الذي نشأ في مناخ إسلامي أخذت تطرق أبوابه افكار القومية العربية.
 شقيق صلاح الشيخ جمال الدين القاسمي كان في عداد حلقة صغيرة  ضمّت لفيفاً من علماء (شيوخ) دمشق المتنورين، “أخذوا يجتمعون على قراءة الحديث ويطلبون، الدليل على أقوال الفقهاء”. فما كان من سلطات الاستبداد العثماني للسلطان عبد الحميد إلا أن وجهت تهمة الاجتهاد إلى هؤلاء المشايخ، وعقدت مجلساً خاصاً في المحكمة الشرعية بدمشق  لمحاكمتهم فيما عُرف بمحاكمة المجتهدين عام 1313هـ-1896م. وكانت حادثة المجتهدين هذه من الحوادث العظام في دمشق في عصر لم يكن في البلاد أحزاب وآراء متنوعة. “ولا يعرف الناس إلا أن الخلافة إسلامية، وأن شرع الله يؤخذ عن مذهب أبي حنفية”. ومن حلقة المجتهدين هؤلاء انطلقت، كما ذكرنا، “السلفية النهضوية الشامية”.
كان طالب الطب صلاح الدين القاسمي أمين سرجمعية النهضة العربية بدمشق المؤسسة عام  1906، والتي  رمت إلى ” تعريف شباب العرب المثقفين بعروبتهم ودعوتهم إلى التعاون وصلاح المجتمع”. ورأى أعضاء الجمعية، ومنهم القاسمي، “أن أسباب تخلف المسلمين: استعجام لغة الدولة الرسمية وتجاهل ما كان يقع في الغرب من نهضة”.
     بعد الانقلاب على السلطان عبد الحميد وإعلان الدستور  1908كتب صلاح الدين القاسمي في جريدة المقتبس الدمشقية سلسلة مقالات اخترنا منها مقالة تحت عنوان : ” العلم والعامة ” (المقتبس في 19 حزيران 1909) جاء فيها:
       كان “الهروب” من البلد أو التقيّة (الخشْيةُ والخوف) ديدن جميع العلماء وناشري المعارف العلمية في بلاد الشام … العامة حُرِمَت بسبب الجاهلين ما أحلّ الله من العناية بضروب العلوم الرياضية والكونية حتى الدينية كالتفسير والحديث “…  و “العامي لا مذهب له وإنما مذهبه قول مفتيه في الضغط الفكري على العلماء واضطرار هؤلاء لاتخاذ التقيّة شعاراً في أغلب الأحايين.. وكم كتم العالِم ما يجول بخاطره من الحقائق العلمية وشُرّد الآخرون إلى بلاد نائية”  

     ثانيهما الدكتورعبد الرحمن الشهبندر العلم النهضوي والزعيم الوطني، الذي سقط شهيد أفكاره. احتلّ الشهبندر المولود في دمشق عام 1879 مكاناً مرموقاً في ميدان النضال الوطني، وأسهم في بلورة المشروع النهضوي التنويري العربي.  وتميّز الشهبندر بسياسته وأفكاره البعيدة عن العائلية والعشائرية والطائفية، وأسهم في خلق جو وطني واضح المعالم، ودافع عن المرأة لنيل حقوقها.            
في ضحى السادس من تموز 1940 اغتيل الدكتور عبد الرحمن شهبندر غدراً في عيادته بدمشق. وكان اغتيال الشهبندر على يد تلك الفئة المنغلقة المتزمتة (الشبيهة بمختطفي زيتومة وفريقها)  بمثابة تحذير للمنادين بحرية الفكر العربي والداعين إلى العقلانية والعلمانية والتنوير، والسير بالمجتمع العربي خطوات إلى الأمام، في ميدان التقدم الحضاري، والتغلب على التخلف أو على الأقل بعض جوانبه.
لقد كان المسدس الذي سدّد طلقاته إلى جسم الشهبندر، وتحديداً إلى رأسه ودماغه المفكر، يعني أن عصر النهضة العربية لم ينتصر كما حلم رواد النهضة العربية في العقود الماضية، وأن حرية الفكر ليست سهلة المنال..
ألم يُهدَر دم الشهبندر، لأنه دعا إلى السفور، ونادى بالديمقراطية، وطرح أفكاراً علمانية، وتحدث عن الاشتراكية المعقولة)، وسلخ “عمره في الدفاع عن حرية الفرد وحرية الجماعة سياسياً وإجتماعياً واقتصادياً”.
لقد كان من السهل على أعداء النهضة، ومناهضي التقدم، اتهام الشهبندر بالكفر، وتحليل قتله، وإلقاء الرعب في نفوس رواد النهضة ودعاة التحرر والتقدم.
بعد اغتيال الشهبندر، أصدرت “جماعة الإصلاح الاجتماعي العربي” بدمشق، بياناً معبراً عن الوضع نتيجة اغتيال الشهبندر وفيما يلي مقاطع من البيان:
أيها العرب. إن “جماعة الإصلاح الاجتماعي العربي” قد اهتمت بقصة اغتيال الشهبندر لأنه إذا صح أن التهوس الديني ساعد عليها، كان معنى ذلك أن العالم العربي يعيش في بؤرة من التقهقر الإجتماعي، وأن حرية الفكر في بلاد العرب أصبحت في خطر، وأن كل مفكر لا يستطيع التفوه بما يعود على الحضارة العربية بالتقدم، وأن كل مفكر عربي تقدمي يُقضى عليه سياسياً واجتماعياً باسم التعصب الديني، الذي لا يمت بآصرة من الأواصر إلى روح الدين. وإن الرضوح لإرادة من لا يفهمون من الدين إلا القشور دون اللباب، سيؤدي إلى كارثة كبرى. إن جماعة الإصلاح الإجتماعي العربي، لم يهتموا بقضية اغتيال الشهبندر، إلا لأنه اغتيال لحرية الفكر العربي. لقد سلخ الشهبندر عمره في الدفاع عن حرية الفرد وحرية الجماعة سياسياً واجتماعياً واقتصادياً، وأن المسدس الذي سدد إليه إنما سدد إلينا جميعاً كعرب نقول ونؤمن بأن حرية الفكر والوجدان هما من أكبر الدعائم التي ارتكزت عليها الشريعة الإسلامية.
أيها العرب: إن اغتيال الدكتور شهبندر كان اغتيالاً للفكر العربي التقدمي، هذا الفكر الذي لا يمكن لنا بدونه إبداع مكاننا تحت الشمس”.

***

    مع انحسار المشاعر الوطنية الجامعة في الربع الأخير من القرن العشرين، ارتفعت، مجددا، في عنان السماء رايات الطائفية والمذهبية، كما اشتدت سواعد المستفيدين من العشائرية.. وهكذا اختفت الوطنية وكثُر جلادوها.. والطبقية المغيّبة يقبع جمرها تحت الرماد.. رماد الطائفية، التي تعصف رياحها مقتلعة ما بناه رواد النهضة العربية والتنوير الإسلامي. ولم يكن اختطاف ” بنت البلد ” مصادفة بل هو نتيجة للتراجع المرعب لحركة التحرر العربية

***

     ولا يخفى أن ما لحق بالعباد من مظالم الفئات البيروقراطية والطفيلية الحاكمة، التي غلب عليها اللون الطائفي (العلوي)، دفعت بالجماهير من مختلف الطوائف، بمن فيها نشطاء العلويين، إلى التظاهر والاحتجاج والمطابة بالحرية والعدالة، دون أن يعيرها الحكام أذنا صاغية، بل قابلوها برصاص المباحث السلطانية الآمرة الناهية. وبعد انزلاق التحركات الشعبية الإحتجاجية هذه نحو العسكرة، لأسباب كثيرة، بدأت ملامح الكارثة ترتسم في الأفق. وكانت الطامة الكبرى  بتدفق قطعان التتار الجدد من سائر أصقاع الدنيا، مستغلين تململ الأكثرية من الحكم ذي الصبغة الطائفية ومعلنين ” الجهاد ”  ضد ” الحكم النصيري “. وتناسى هؤلاء ” الجهاديون ” عن عمد الخلفية الطبقية الاستثمارية للحكام وهم من مختلف الطوائف، وأججوا نيران الطائفية لكسب عواطف الناس. وزاد في تفاقم الوضع اشتداد التجاذبات الإقليمية الممتزجة بالتنافس المذهبي (السني – الشيعي) في دول الخليج وإيران وتركيا، إضافة إلى اضطراب الوضع الدولي والتنافس بين قواه الرأسمالية الطامعة في السيطرة.
      كل هذه الأسباب، مضافا إليها بعث كل ما هو ظلامي في تاريخنا العربي الإسلامي وحجب جوانبه الإنسانية المشرقة،  وضعت بلاد الشام والعراق في عين العاصفة الطائفية الهوجاء.  وفي خضمّ هذا الصراع ذي الخلفيات الداخلية ( الإقتصادية الإجتماعية والطبقية)، ارتفعت حدة التوترات الطائفية ودخلت البلاد في حرب ضروس…  والعقلاء حيارى.. وترى الناس سكارى، وما هم بسكارى.. وأصبح الناس أمام أمرين أحلاهما مرّ

***

 رزان زيتونة، سميرة الخليل، وائل حمادة، ناظم حمادي  الهاربون من دلف المباحث السلطانية والملتجؤون إلى  المناطق ” المحررة “، وجدوا نفسهم في دوما الواقعة تحت سيطرة جيش االإسلام أنهم أصبحوا تحت مزراب الكتائب المسلحة للتنظيمات “الجهادية”.. وهم يقبعون في زنزانات الخاطفين ولسان حالهم يردد (إن كانوا لا يزالون على قيد الحياة) قول المتنبي:

وسوى الروم خلف ظهرك رو      مٌ فعلى أي جانبيك تميل

Social media & sharing icons powered by UltimatelySocial