مساحة للحوار: كورال يوتوبيا – “الشعب يريد حياة الميدان بقلم د. فيحاء قاسم عبد الهادي

English

“بكره مصر تعيش بأمان..لما نحاكم كل جبان”
كورال يوتوبيا الثورة

تميَّزت الثورة الشعبية المصرية؛ بدقَّة الشعارات التي رفعتها، منذ انطلاقها يوم 25 يناير 2011، والتي وجدت تعبيراً فنيا عنها، في “كورال يوتوبيا الثورة”: إحدى الفعاليات الثقافية المبدعة، التي شهدتها مصر بعد “25 يناير”.
وكورال يوتوبيا، هو الإنتاج الخامس لمشروع كورال، الذي أسَّسه الفنان المصري “سلام يسري”.
قدَّم الكورال أغنية “حياة الميدان” بشكل جماعي، خلال شباط وآذار وإبريل 2011، في مسرح روابط، وفي الفخارين/ مصر القديمة، وفي ميدان عابدين، وأماكن أخرى.
بدأت فكرة “مشروع الكورال”، بمبادرة جماعية، في أيار 2010، “بعد أن شاركت مجموعة من 25 شابة وشاباً، من مصر، وبعض الدول العربية، في ورشة “كورال شكاوى القاهرة”، التي كانت جزءاً من مشروع دولي، بدأه شخصان من فنلندا، مستندين إلى مثل فنلندي: “بدلاً من أن تشتكي غنِّ”، وانتشرت بعذ ذلك فكرة الشكوى بالغناء لعشرات المدن في العالم”.
أما عن “كورال يوتوبيا”؛ فقد “استمرَّ العمل لمدة 5 أيام قبل العرض الأول، والمشاركون كانوا من “مشروع كورال”، بالإضافة إلى مشاركين جدد؛ لأن الدعوة كانت مفتوحة للجميع، وبدأوا بعرض الأفكار التي يريدون تقديمها، وقسَّموا أنفسهم إلى أربع مجموعات: مجموعة التحرير، مجموعة يوتوبيا مصر، ومجموعة اليوتوبيا بشكل عام، ومجموعة أخيرة رصدت ظواهر حدثت بميدان التحرير. وتمَّ جمع أفكار المجموعات الأربع في شكل نهائي، يدعو إلى التمسك بكل ما هو إيجابي، وظهر بين الشباب والفتيات أثناء مظاهرات ثورة 25 يناير”.
*****
يبدأ الكورال أغنيته بتأكيد التصاق الثورة بالحرية، فالثورة دون أن يصاحبها إطلاق حريات؛ ليست ثورة.
“صباح الثورة صباح حرية”
ويهمس بعدها بشعارات ردَّدها الشعب يومياً، أثناء الثورة، وهو يلفّ الميدان:
“قوَّة..عزيمة..إيمان..ثورة مصر في كل مكان”، ويعلو الهمس: “قوة قوة..عزيمة عزيمة..إيمان إيمان..ثورة مصر في كل مكان”. ويرتفع أكثر فأكثر: “قوة..عزيمة..إيمان..ثورة مصر في كل مكان”.
يغني شعار: “استمارة 6″، التي تعني “الطرد من الوظيفة وإنهاء الخدمات”، والتي رفعها الشعب أثناء الثورة؛ ليطالب برحيل الرئيس والنظام معاً.
ويعبِّر عن هموم المواطنين ومعاناتهم الاقتصادية، قبل الثورة، ثم عن كسرهم حاجز الخوف:
“استمارة 6..استمارة 6”
“كيلو اللحمة بـ 100 جنيه..والمتر في مصر بنص جنيه”
“أنا إنسان مش فرخة بريش..جاي تدبحني عشان تعيش”
“غلّوا السكَّر..غلوا الزيت..لحدّ ما بعنا عفش البيت”
“ولا بنسلِّم ولا بنخاف..شحَّتونا العيش الحاف”.

ثمَّ يربط الاقتصاد بالسياسة، ويسمِّي الأشياء بأسمائها، حتى يصل إلى ثورة تنطلق من الغيطان ومن المصانع، حتى تغطي كل شوارع مصر:
“قولوا للحاكم جُوَّه القصر..إنتوا عصابة بتنهب مصر”
“تحت القبَّة رجال أعمال..ضيَّعوا حقّ العمال”
“مش حنخاف مش هنطاطي..إحنا كرهنا الصوت الواطي”
“آدي لشعب المصري طالع..مِ الغيطان ومِ المصانع”
“ثورة ثورة حتى النصر..ثورة في كل شوارع مصر”.

لم يترك مضمون الثورة عائماً أو غائماً؛ هي ليست ثورة فحسب، وليست استبدال نظام بنظام، أو ديكتاتوري كبير بديكتاتوري صغير؛ هي ثورة شعبية، ضد الخيانة وضد من ينهبون ثروات البلد بغير حساب. ومضى أبعد من ذلك؛ حين حدَّد نوع الدولة التي يريدها:
دولة مدنية، تحترم التعددية، فلا يستأثر الإخوان أو حزب واحد بالسلطة، حتى لا تعود سياسة الواحدية، بأشكالها كافة:
“ثورتنا ثورة شعبية ضد الخونة والحرامية”
“ثورتنا ثورة شعبية..ولا إخوان ولا حزبية”
“عايزين دولة مدنية..لا دينية ولا طائفية”
*****
أعلن أعضاء “كورال يوتوبيا”، من خلال الشعارات التي غنّوها، على وقع لحن أخّاذ؛ أن الشهداء هم أمانة في أعناق الشعب، وأنهم سوف يكملون الكفاح حتى تحقيق أهداف الثورة. وعبَّروا عن ثقتهم في الجيش المصري، طالما يحمي الشعب والحرية. ثمَّ أكَّدوا أن مصر لن تعيش بأمان، إلاّ حين تجري محاكمة الجبناء، ما يرسي أحد أهم دعائم الديمقراطية، وهي المساءلة:
“يا شهيدنا نام وارتاح..واحنا نكمِّل لكفاح”
“اسمع أم الشهيد بتنادي..أمن الدولة قتلوا أولادي”
“علَّمونا في المدارس..جيشنا المصري هو الحارس”
“علَّموكوا في الحربية..تحموا الشعب والحرية”
“بكره مصر تعيش بأمان..لما نحاكم كل جبان”
“إرفع كلّ رايات النصر..إحنا شباب حنحرَّر مصر”
“علّي وعلّي وعلّي وعلّي..مصر حتفضل حرَّة تملّي”
“ارفع راسك فوق..إنتَ مصري”
*****
بصوت خافت في البداية، ثم بصوت هادر بعدها؛ أطلقوا شعارهم الرئيس:
“الشعب يريد حياة الميدان”. هذا الشعار، الذي يعبِّر عن رغبة الشعب بأطيافه كافة، بأن يعيش حياة تختلف جذرياً عن حياته، خلال الثلاثين سنة الماضية، وهي الأخلاق الإيجابية، التي تجسَّدت في ميدان التحرير، خلال الثورة.
*****
شكراً سلام، تامر، مريم، هاني، عمر، محمود، حسن، مي، آية، يسرا…شكراً لكم فرداً فرداً
لم تقعوا في فخ التكرار الممل. ورغم أن الكورال غنّى شعارات سمعناها على لسان الشعب في الشوارع؛ إلاّ أنه أضاء أجمل ما في الواقع، معبِّراً ليس عن آمال وأحلام الشعب المصري فحسب؛ بل عن آمال الشعب العربي بأسره، من المحيط إلى الخليج.
لا تريد الشعوب العربية حرية لفظية، ولا ديمقراطية تعيد أشكال الاستبداد.
الشعب العربي يريد حياة حرة كريمة، مبنية على التعدِّدية، والمشاركة، واحترام المواطنة، وإطلاق الحريات. يريد بناء الإنسان والوطن في آن.

www.faihaab.com

 نشر المقال بتاريخ 10 نيسان 2011

د. فيحاء عبد الهادي كاتبة ومستشارة بحوث/فلسطين.

بإمكان الاستماع إلى الأغنية على صفحة اليوتيوب
http://www.youtube.com/watch?v=LCBVwJ4DT10

Social media & sharing icons powered by UltimatelySocial