تم مساء امس الجمعة الموافق يوم 27 نوفمبر 2015 منح الكاتبة الفلسطينية السيدة عائشة عودة جائزة ابن رشد للفكر الحر لسنة 2015 في قاعة ورشة الحضارات في برلين/ألمانيا. امتلأت القاعة بحضور الجالية العربية والأصدقاء الألمان وممثلي السفارات والصحافة العربية والدولية.
وقد فازت السيدة عائشة عودة بالجائزة الاولى، كما فاز بالجائزة الثانية التقديرية السيدان مصطفى خليفة من سورية وأحمد المرزوقي من المغرب.
ومنحت المؤسسة جوائزها للفائزين تقديراً لكتبهم المميزة في مجال أدب السجون التي حفزت نقاشاً عاماً واسعاً وعميقاً حول السجون وانتهاك الحقوق والحريات، عززوا من خلاله قيم الحرية والكرامة الاِنسانية
وصدر قرار اختيار الفائزين عن لجنة التحكيم المكونة من خمسة أسماء عربية معروفة، من كتاب ومتخصصين في الادب من البلاد العربية والمهجر وهم: محمد الأشعري (المغرب)، رزان إبراهيم (الأردن)، خالد خليفة (سوريا)، سامية محرز (مصر)، صموئيل شمعون (العراق).
سيرة حياة أعضاء لجنة التحكيم
وقال حكمت بشناق رئيس المؤسسة في كلمة الترحيب:
يمكن للكتابة أن تكون منقذة للحياة، بخاصةٍ عندما تكون هي الطريقُ الوحيدُ للتواصلِ في أوقات العزل في السجن، حتى ولو كان ذلك على قصاصات من الورق يروي لها الكاتب قصته وأفكاره. وليس هذا بالسهل في كثير من الأحيان: دون مكتب والاضطرار إلى الكفاح من أجل الحصول على الورق والقلم أو تهريبها. لذلك تنشأ الجمل القليلة الأولى كخرابيش على جدران السجن، على ورق تواليت أو ورق السجائر أو تكتب على هوامش الكتب وقصاصات الورق. وكل من يساعد على تهريبها خارج الزنزانة يجازف بالمخاطر. لأن ذلك المدون هامٌّ جداً. فليست الشهادات والتقارير الحية هي المهمة فحسب، بل وكذلك تلك الأفكار التي تنشأ في مثل هذا الوضع الوجودي المطلق. ومن ذلك تنشأ في وقت لاحق أنواع أدبية مختلفة – شهادات، رسائل، سير ذاتية قصائد وروايات.
كلمة ترحيب المؤسسة بنصها الكامل.
سيرة حياة عائشة عودة
سيرة حياة الفائزين بالجائزة التقديرية (وقد استلم صبحي حديدي الجائزة نيابة عن مصطفى خليفة كما استلم د. حامد فضل الله الجائزة نيابة عن أحمد المرزوقي): الجائزة الثانية
استهل الكاتب والناقد والمترجم المعروف صبحي حديدي كلمة تكريمه لعائشة عودة فقال:
“من المفارقات الكبرى في تاريخ العلاقة بين الإبداع والحرية، أنّ الكثير من الأعمال الخالدة لم تولد في ظلّ تمتّع المبدع بالحرية، بل في سياقات مناقضة تماماً، أي تحت وطأة القهر والتعسف والطغيان، وفي السجون والمعتقلات على وجه التحديد.”
ومن أبرز الأمثال لأدب السجون في الأدب العالمي كما قال
“ميغيل دي ثيربانتيس Cervantes، في رائعته “دون كيهوتة”؛ وماركو بولوMarco Polo ، في تدوين رحلاته إلى الصين؛ ومارتن لوثرLuther، في ترجمة “العهد الجديد” إلى الألمانية؛ وفيودور دستويفسكيDostoevsky ، في كثير من الأعمال التي كُتبت تحت حكم بالسجن خمس سنوات مع الأشغال الشاقة في سيبيريا؛ وأنتونيو غرامشي Gramsci، في “دفاتر السجن”؛ وجان جينيه Genet”
ومن الأمثال لأدب السجون في الأدب العربي القديم:
“طرفة، والمنخل اليشكري، وبشر بن أبي خازم، وأبو محجن الثقفي، والحطيئة، والفرزدق، والشنفري، وأبي فراس الحمداني، والمعتمد بن عباد، وأبي الطيب المتنبي، وسواهم.”
وأمّا أمثلة في العصور الحديثة – ومن النادر أن تغيب موضوعة السجن والاعتقال عن نتاج أيّ مبدع عربي – فهي كثيرة: نجيب محفوظ،، وعبد الرحمن منيف، وفاضل العزاوي، الطاهر بن جلون، وتركي الحمد، إبراهيم عبد المجيد، صنع الله إبراهيم، هيفاء زنكنة، وصلاح الدين الوديع، وإبراهيم صموئيل، وعماد شيحة، نوال السعداوي، عبد اللطيف اللعبي، وياسين الحاج صالح، محمد الرايس.
ويقول صبحي حديدي يمكن تقسيم أدب السجون إلى أنماط عديدة، أبرزها ثلاثة: الأدب الذي يتناول تجربة الاعتقال، دون أن يكون المؤلف نفسه قد مرّ بتلك التجربة، الأدب الذي يعتمد على تجربة اعتقال فعلية، ثم رواية الاعتقال التسجيلية.تابع حديدي باستعراض أهم الخصائص الادبية واللغوية لنصوص السجون في عملَيْ عائشة عودة كما وضح أن كتابات عودة لا تدوّن تجربتها في السجن على نحو أدبي فقط بل “تسعى إلى تخليد سجلّ وطني جامع حول حقبة من نضالات المرأة الفلسطينية، خصبة وحافلة ومشرّفة.”
كلمة التكريم: صبحي حديدي في نصها الكامل.
وجهت عائشة عودة في كلمتها رسالة إلى عمها المتوفى
“أين أنت يا عمي الحبيب؟كنتَ تؤمن بتفوق الرجال على النساء. لو كنت حيا لوضعتُ أمامك حقائق تعمل على تغيير رأيك: الرجال لا يتفوقون على النساء، ولا يعتمد عليهم أكثر.” (أحلام بالحرية، ص 71).
وأضافت:
“كلّنا يا عمي مستضعفون؛ رجال ونساء، شيوخ وأطفال، ومعتدى على كامل حقوقنا. من حرية الوطن وحرية تقرير المصير، إلى أبسطها في حرية الحركة، بل أبسط من ذلك؛ حق الطفل أن يكون له شهادة ميلاد!”
وتابعت بذكر التطورات التي طرأت على القرية وتوسع الاستيطان والاستيلاء على أراضي القرية وتغير الحياة فيها … فمثلاً يُقطع عنها المياة أحيانا مدة 21 يوما متواصلا ويصعب التواصل بين القرى والمدن بسبب المستوطنات والحواجز الأمنية.
أنهت عائشة عودة كلمتها بتمسكها بأهمية المقاومة لأن انتصار الروح
ليس كانتصار القوة الذي يعمي الابصار ويعمق الظلمة في النفوس ويزيد من ظلمه وعدوانه. إنه إنتصار إرادة الحرية، تنبثق في نفوس الأجيال المتعاقبة، كما ينبثق الموج من أعماق البحار. إن عائشة الفتاة المداسة بأقدام المحققين وبعنفهم الامتناهي، أكدت كما أطفال وفتيان وفتيات القدس وكل فلسطين، أن المنتصر لم يعد منتصرا، وأن المهزوم لم يعد مهزوما. رغم قسوة المحتل ووحشيته.”
خطاب الفائز بالجائزة بنصها الكامل.
جائزة ابن رشد للفكر الحر لسنة 2005.
وانتهى الاحتفال بألحان من موسيقى القانون والجيتار للفنانين بكري مسلماني وديرك فايستل.
28 نوفمبر 2015
عبير بشناق