التعريف بالفائز بجائزة ابن رشد للفكر الحر عام 1999

Deutsch

تقديم قناة الجزيرة الفضائية

كلمة التعريف بِقناة الجزيرة الفضائية 

القتها السيدة عبير بشناق عضو الهيئة الإستشارية

يوم 10/12/99

أيها السادة والسيدات الكرام

أُسست قناة الجزيرة الفضائية في نوفمبر من عام 1996 وهي تبُث منذ 36 شهرٍ يومياُ الأخبار وتعقد ندوات النقاش الفكرية وبرامج ثقافية وأخبار اقتصادية وذلك من قطر شبه الجزيرة العربية لتصل إلى ما يقرب من 215 مليون إنسانٍ عربيٍّ عبر الحدود.

تتناول قناة الجزيرة الخاصة طرح الموضوعات الراهنة، سواءً كانت سياسية، كحرب الخليج أو الصراع العربي الاسرائيلي، أم اجتماعية كالدفاع عن حقوق المرأة وحقوق الانسان. ولا تستبعد القناة الموضوعات الدينية من البرامج، كالإسلام والديمقرطية، أو الإسلام والسياسة، أو الإسلام والحياة اليومية.

عندما توسعت قناة الـ BBC – التي اشتُهرت في الشرق الأوسط بإذاعتها العالمية ليشمل برامجها التلفزيون أيضاً. جرى ذلك باستخدام قمر السعودية الصناعي للإتصالات Orbit Communication ومعاونتها المادية والتكنولوجية. لكن بعد أقل من عشرين شهرٍ فشلل التعاون لإصرار الـ BBC فقررت الـ Orbit فجأة أن تنهي التعاون في فترة كان التخطيط لإنشاء قناة الجزيرة الفضائية في الدوحة /قطر قد قطع شوطاً بعيداً. وأُسست في نوفمبر 1996 قناة الجزيرة بمشاركة 20 من محرري إذاعة الـ BBC وجميعهم من أصل عربي. وقناة ال BBC السابقة كانت تقوم على أساس ال pay TV أما الجزيرة فحالها أفضل، فهي تبثُ عبر القمر الصناعي أي ان حيِّزها أوسع تصل الى أقطار كثيرة. ولم تكن ندوات النقاش السياسية والحوار الحر بالشيء المعتاد عليه في المنطقة العربية.

وكثيراً ما تتاح الفرصة لممثلي الآراء المتعرضة للإعراب عن وجهات نظرهم وتمكن اعتبار اسماء البرامج في حد ذاتها حقولاً تستثير الإهتمام والتشويق: ك ” الإتجاه المعاكس”، و “أكثر من رأي”، و “شاهد على العصر”، و “الشريعة والحياة” وغيرها.

ويتم استقبال بث هذه القناة الفضائية في 22 دولة عربية من الجزائر حتى مصر ومن سوريا حتى اليمن ما عدا العراق فالصحون اللاقطة غير موجودة. وحسب ما ذكرته جريدة القدس العربي هناك إحصائية تفيد أنّ اربعة أخماس متابعي برامج الاخبار في فلسطين يشاهدون أخبار الجزيرة يوميا.

ويعود سبب هذه الشهرة الى الخصائص التي تتميز بها هذه القناة عن سائر وسائل الإعلام المرئي والمسموع في العالم العربي، التي تقع تحت سيطرة الانظمة الحاكمة، التي تستخدمها لتوطيد شرعيتها ونشر الدعاية لها. وإلى جانب هذه الوسائط والقنوات الرسمية لا يُسمح بالحوار الديمقراطي حول القضايا الراهنة، كما تُحرم المعارضة من أي منبر تُعبِّر منه عن آرائها.

قناة الجزيرة لا تريد أن تأخذ برأي أي حكومة … تريد أن تعالج كلّ قضية دون مجاملة وبشكل مباشر وموضوعي…

يقول أحد معدِّي البرامج ” في قناة الجزيرة يستطيع المتحاورون قول ما يريدون، نحن لسنا تحت سيطرة أي حكومة”

ويقول السيد محمد جاسم العلي، المدير العام لقناة الجزيرة، ” إنّ هناك محظورات كثيرة جداً لدى القنوات العربية الأخرى، أما الجزيرة فلا تعرف الحظر، وللمشاهدين الحق في الإطّلاع على الحقيقة، وللتعبير عن آرائهم. وكثيرا ما تتوفر لهم فرصة الاتصال المباشر وإبداء الراي بالهاتف او الفاكس بصورة حية أثناء البرنامج.”

يقول Dale Eickelmann الأستاذ في جامعة Dartmouth في مقال في جريدة ال New York Times ” لقد أثبتت الجزيرة ان الناس في العالم العربي لديهم الرغبة في التحدث عن مواضيع تُؤثر في حياتهم اليومية. إنّ التكنولوجيا الحديثة تجعل من المستحيل أن تتحكم الحكومات بِضبط المعلومات. وهذا يعني انك تستقبل جميع ما يخطر على البال من معلومات عن طريق القمر الصناعي او الإنترنت، فالجزيرة لها صفحة في ال إنترنت التي تبث عن طريقها بعضا من الندوات بثاً مباشراً- هذه التكنولوجيا تجعل من المستحيل أن يُسَيطرَ على المعلومات. إنَّ هذا التطور لا يمكن ايقافه ويفرض على الجميع إعادة النظر وتغيير النهج الفكري.

يقول أحمد الخولي منظم احد برامج الجزيرة: بعض الناس يُحبوننا وآخرين يكرهوننا ولكن لا أحد يستطيع أن يتجاهلنا”.

وتشعر دول الخليج المجاورة وكأنَّ ثورة ثقافية تنطلق من هذه القناة. يقول رئيس مجلس إدارة القناة الشيخ حمد بن ثامر آل ثاني: “الجزيرة” أشبه ما تكون بالفيروس الذي ينتشر، ولكن بمفعول ايجابي لإطلاق حرية الرأي في البلدان العربية الاخرى. أمّا ال New York Times فتحتفي بِقناة الجزيرة كحدث مُدهِش.

في مقابلة صحفية قال الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني، أمير دولة قطر ومؤسس قناة الجزيرة: قناة الجزيرة عليها أن تُعطي للمنطقة المزيد من الأكسجين قال : What a headache ” انّ هذه القناة تسبب عددا لا حصر له من المشاكل ولكنني أعتقد أنها تفعل فعل الأكسجين في تنشيط فكرنا”.

أكبر المشاكل التي تتعرض لها القنوات التلفزيونية والإذاعة والصحافة الإعلامية لا تأتي بالضرورة من الحكومات بل من المجتمع نفسه، فالقبيلة والروابط العائلية تُسيطر على الحياة اليومية: إذا أنتُقدَ عضو من أعضاء الحمولة تقف معه كل الحمولة في المشكلة بغض النظر إذا كان على خطأ أو صواب.

في العام الماضي أُغلقت بعضُ مكاتب الجزيرة فترة من الزمن. ذلك مثلا في الكويت والاردن. الجزائر سحبت من صحفي حق العمل. والحكومة المغربية اعتذرت عن حضور برنامج كان من المفروض ان يُناقش موضوع الديمقراطية، والبحرين فرضت على محرر ان يغادر البلد. اتحاد القنوات الإذاعية العربية رفضت قبول طلب عضوية الجزيرة. السعودية لا تمنح لأي محرر يعمل للجزيرة قط تصريح دخول للبلاد.

لا تشبه الجزيرة في روح عملها قط عمل ال CNN التي سبق وان قورنت بها أو بأي قناة غربية مستقلة : فهي تُعالج القضايا بِعمق ودون حرج، أما الإذاعات الغربية فهي حذرة ولا تجد فيها مثلا برامج سياسية تسمح للمشاهد بالمشاركة الحية كما هو مألوف عندهم فقط في برامج التسلية، إنّ نهج قناة الجزيرة وسيلة فعّالة في تغيير جذري لِعالم الإعلام في الشرق الاوسط.

أما بعد : فيجب أن يُشار الى أن القناة مؤمّن بقائها حتى سنة 2001 فقط، أما بعد ذلك فإنه يعتمد إذا نجحت القناة من أن تُموِّل ذاتها بنفس الطريقة التي تمول نفسها قنوات التلفزيونية الخاصة وهو عن طريق الإعلانات. المرجو ألا تفرض الضغوط الحالية على قناة الجزيرة ان تُصبح أكثر مساومة وأقل تأثيراً.

نأمل للجزيرة- هذه المدرسة الديمقراطية- كل التوفيق في سنوات عملها المقبلة : فالعالم -وليس فقط العالم العربي- بحاجة ماسة الى صحافة جريئة… العالم بحاجة الى الجزبرة.

Social media & sharing icons powered by UltimatelySocial